• بيان تأسيسي لتكتل سياسي حزب الاتحاد
  • ثانياً: تطوير التعليم وتبنى مشروع ثقافي جديد،
  • ثالثاً: توسيع إطار المشاركة المجتمعية ورفع سقف الأمل في الإصلاح
  • رابعاً: إجراء تغيير هيكلي في الاقتصاد المصري بهدف تحفيز النمو واستدامته وتوازنه،
  • خامساً: وضع الشباب فى قلب إستراتيجية تنافسية لمصر فى العشرين سنة القادمة
  • سادساً: تحقيق رفاهية الأفراد وسعادتهم
  • سابعاً: إعادة رسم الخريطة السكانية لمصر،
  • ثامناً: إصلاح الجهاز الإداري في الدولة وإحياء الأخلاقيات والقيم التي ترسخ مبادئ الأمانة والنزاهة ومحاربة الفساد ودعم الشفافية
  • تاسعاً: الحفاظ على البيئة وحقوق الأجيال القادمة
  • عاشراً: تحقيق دور فعال لمصر في الساحة الدولي
  • حادي عشر: تجمع المجتمع حول إلهام قومي كبير
  • ثاني عشر: القيادة التي تبنى الأمل في النفوس وتشحذ الهمم والطاقات، وتحقق مع الأمة ما يفوق قدراتها الحسابية المجمعة
  • معايير اختيار اللجنة التأسيسية للدستور
الديمقراطية والحرية.... ماذا لو ؟! مارس 2010
خلال تجربتي السياسية عبر العشرين عاما الماضية تتابعت أفكاري واستقر في وجداني أولوية وحتمية الديمقراطية في طريق مصر للنهضة والتنمية.  إلا  اننى خلال الخمس سنوات الأخيرة، بتراكم رؤيتي من داخل الحزب الحاكم، وفى إطار تجربة ثرية وملهمة في مجال حقوق الإنسان داخل وخارج مصر، ظهر تساؤل كبير في ذهني ... ماذا لو؟
 
ماذا لو تحقق لمصر تطبيق المحور الرئيسي للديمقراطية في انتخابات حرة نزيهة، كما تقول النخبة السياسية في المعارضة الذين يؤكدون على كلمة حقيقية للتفرقة بين مظهر الديمقراطية الذي ترسمه إجراءات انتخابات تشريعية ومحلية، ورئاسية في مواعيدها، والجدل حول نزاهتها ومصداقيتها، وتكرار الرغبة في نزاهة انتخابات وحقوق المواطنين في الترشيح والإدلاء بالصوت والاختيار بدون ضغوط المال، أو العنف أو التأثير الحكومي على الناخبين الذين يدلون بأصواتهم، بنسبة ضئيلة للغاية تجعل الانتخابات غير ممثلة لرأى المجتمع، بل لرأى نسبة لا تزيد عن العشرون بالمائة في الإعلان الرسمي، وعن خمسة في المائة من وجدان المجتمع بغض النظر عن برهان ذلك أو دقته.
 
فماذا لو كانت الانتخابات نزيهة مائة في المائة، وماذا لو تضاعفت أعداد الناخبين، وماذا لو أدلى ملايين المصريين في الخارج بأصواتهم، هل يحقق ذلك آمالنا، ونصل إلى تحقيق أهدافنا..!!
 
تعالوا نفترض أن الانتخابات حرة ونزيهة، فماذا لو أفرزت الانتخابات أغلبية متعصبة أو ضيقة الأفق، لا تعترف بحقوق الأقباط مثلا أو تجعل من المرأة عورة يجب إخفاؤها.  ماذا لو أفرزت الانتخابات نظاماً شيوعياً، يبدأ ليس من حيث انتهى مؤسسو الشيوعية، بل يبدأ وكأن التاريخ قد توقف، وأننا سنحقق بالأيدولوجية الشيوعية ما لم يحققه مخترعوها ومؤسسوها، وأن الواقع قد حكم على هذا النظام بالفشل، والفقر، وعدم القدرة على المنافسة.
 
ماذا لو أفرزت الانتخابات نظام حكم ديني يعود بمصر إلى مربع تخطاه الشعب المصري منذ بداية عصر التنوير الذي قاده وأحياه مفكرين ينتمون إلى المعرفة الدينية الأكثر تسامحا وانفتاحا مثل محمد عبده ومن سبقوه وتبعوه من أئمة الفكر والتنوير مثل طه حسين والعقاد وأحمد لطفي السيد وقبلهم وبعدهم رفاعة الطهطاوي وقاسم أمين ومصطفى كامل ومحمد فريد وسعد زغلول  وغيرهم ممن لا يسع مقال واحد لذكرهم بالاسم.
 
ماذا لو أفرز نظام الانتخابات خليطا من ذلك وهذا.. هل يتحقق لمصر فعلا ركيزة النهضة!!
 
إن تلك قضية في غاية الأهمية، ويجادل فيها نخبة سياسية قائلة أن تلك هي الفزاعة التي تستعملها الدولة والحزب الحاكم لوأد فكرة تداول السلطة والاستمرار في تزوير الانتخابات لصالح مجموعة واحدة تحكم منذ أكثر من ثلاثين عاما .. فإن كان الشعب-مهما- تضاءلت اختياراته يقرر في إطار انتخابات حرة نزيهة، فليكن.
 
إلا إنني أود أن أذكر أن هناك أنظمة حكم منتخبة ديمقراطيا عبر أرجاء العالم، كثير منها أعيد انتخابه أو جددت الثقة به من خلال استفتاءات تتجاهل بشكل منتظم فرض قيود دستورية على سلطاتها بعد انتخابها، وتحرم مواطنيها من حقوقهم السياسية، وهى ظاهرة مقلقة نصادفها في كافة أنحاء المعمورة وفى كل القارات، من بيرو إلى غانا، ومن فنزويلا إلى الأراضي الفلسطينية، ومن كوريا إلى نيجيريا، في إطار ديمقراطية تضمن نزاهة الانتخابات الحرة، ولكن تتميز بانتهاك القوانين ولا تفصل بين السلطات ولا تحمى الحريات الفردية الأساسية للتعبير والتجمع وحرية العقيدة والملكية والخصوصية.  وهى نظم تنتهك حقوق الإنسان ببساطة وانتظام بل بإحساس بشرعية ذلك في إطار حماية النظام العام وتحقيق استقرار الدولة.
 
والحقيقة التي يجب أن نعيها، أن الغرب في إطار تطور تاريخي تراكمي قد أدمج الديمقراطية والحرية معا، وأصبح عنصري الديمقراطية الليبرالية متضافرين ومتناسقين في وجدان هذه الشعوب في نسيج سياسي لا يمكن فصل أحدهم عن الآخر..
 
أما في عالمنا، فتعالوا نعترف بأن الديمقراطية، والكلام عنها، والمعارك حولها تزدهر، ولكن الحريات تتدهور وأن دعوتنا للديمقراطية، هي دعوة ناقصة بل قد تكون كارثية إذا لم يندمج في نسيجها ازدهار للحريات والفصل بين السلطات.. لقد أتت الديمقراطية غير الليبرالية بأدولف هتلر ولو كانت أجريت انتخابات حرة ونزيهة في العراق أيام صدام حسين لكانت –من وجهة نظري- أتت به ولو كان جمال عبد الناصر قد أجرى انتخابات حرة نزيهة، فبكل تأكيد لكان اختاره الشعب المصري، وكل من هؤلاء الزعماء، لم يحترم الحريات ولا حقوق المواطنين بدعوة حماية المجتمع، وكل منهم انتهى بكارثة وطنية، وتعالوا ننظر للتاريخ، فقد أدت انتخابات حرة نزيهة ومهدت لظهور نظم ديكتاتورية في أسيا الوسطى، وأدت في أماكن متعددة إلى تفاقم النزاعات والتوترات الاثنية وانفصال لقطاعات من الدول.. ولقد كانت يوغسلافيا واندونيسيا، على سبيل المثال، أكثر اتساقا بالتسامح والعلمانية عندما كانتا تحت حكم رجال أقوياء مثل تيتو وسوهارتو، عنها بعد ذلك في إطار انتخابات حرة نزيهة.  ولم تؤدى الانتخابات في كثير من الدول الديمقراطية إلى تحسن كبير في الأوضاع، بل قد تؤدى إلى تحكم كبير نظم أكثر رجعية  منها في ظل ديكتاتوريات قائمة بالفعل.
 
ولكن هل هذا يوقفنا أو يمنعنا من وقف الانتخابات والدعوة إلى نزاهتها، هل الخوف من التحول إلى ديمقراطية زائفة، أو يحول الحلم الجميل إلى كابوس، وفوضى وعنف وأشكال جديدة من الاستبداد هل يمنعنا ذلك!!  أم يدفعنا إلى التساؤل والمبادرة الايجابية نحو التحول ليس فقط إلى ديمقراطية شكلية ولكن إلى ديمقراطية ليبرالية تتوافق من خلالها نزاهة الانتخاب مع الحريات.

لماذا يطفو في عقلي هذا القلق عندما أجد هذا العدد الكبير من البلدان النامية في صعوبات بالغة لخلق مجتمعات مستقرة.. وكيف يتأتى لنا في مصر التأكد من نجاحنا في الانتقال الذي أرانا مؤهلين له.
 
لاشك أن الانتخابات الحرة النزيهة هي جوهر الديمقراطية، وشرطا ضروريا لها لا مفر فيه وقد تفرز حكومات معدومة الكفاءة قصيرة النظر، تهيمن عليها المصالح الخاصة سواء الأيدلوجية أو الاقتصادية، وقد تكون حكومات غير قدرة على تبنى سياسات تنهض بالمجتمع.. إلا أن ذلك كله تجعل منها حكومات غير كفء، ولكنها لا يجعلها غير ديمقراطية!!
 
يتبقى أنه في هذه الحالة الممكنة الحدوث في مصر، وفى غيرها من الدول التي تنتقل إلى نظم ديمقراطية، يطرح السؤال الأهم.. أين يكمن الرادع الواقي الذي يضمن الصلاح والاستقرار..!! 
 
في الغرب، استقرت التقاليد عميقة الجذور في حماية الاستقلال الذاتي للفرد وكرامته من إكراه مهما كان مصدره سواء من جانب الدولة أو الكنيسة أو حتى أغلبية المجتمع في إطار يحمى حقوق الأقليات والحريات لأنه يستند إلى تزاوج بين الديمقراطية والحرية..
 
أما عندنا، مازالت هذه البديهيات غير مستقرة لا في وجدان الحكام أو حتى الأفراد، في إطار نظام تعليمي وثقافي لا ينمى ها التوجه، ولا يجعلها مستقرا في الوجدان المجتمعي..
 
عندنا لا يوجد إطار مؤسسي واضح يمنع من يجلس على كرسي الحكم حتى لو أتى بإرادة شعبية حرة ونزيهة أو أي حكومة تأتى في إطار أغلبية برلمانية حقيقية من عبور الكوبري باستخدام صندوق الانتخابات، ثم إلى الاستبداد بالحريات والبقاء في الحكم بدعوة المصلحة العامة والاستقرار في إطار نظرة إيديولوجية خاصة    أو تجمع مصالح يتم الاتفاق عليه أو إطار ديني يفرض على المجتمع ثقافة بعينها ويمنع التعددية والمواطنة. 
 
ماذا نفعل لجعل دعوتنا للديمقراطية، دعوة أيضا للحرية وحماية حقوق الراد.. وكيف نرشد آثار الانتخابات الحرة النزيهة إذا أتت بحكم ديكتاتوري جديد أو بفوضى عارمة تتنازع فيها المصالح.. وهو ما نراه الآن في مصر على مستوىات متعددة في كل مجلس بدءا من مجالس العمارات أو الأحياء أو المجالس المحلية أو النقابات المهنية أو الأقسام في الجامعات أو غيرها. نموذج متكرر في مصر يعطى مؤشر واضح وصريح للمستوى الأعلى في الدولة التي هي مجموع ما يحدث على المستويات الأقل. الجميع في صراع، وإحساس بالحقوق المهضومة، وعدم التسامح والجدال وتجمعات المصالح. ودائرة من عدم القدرة مع اتخاذ القرارات والفوضى التي تجعل بعض الأفراد يودّون تدخل الدولة. كما كانت تفعل من قبل في عوده عكسية تصل ما حاربنا من أجله عبر السنين من أجل انتخابات حرة نزيهة. 
 
أن الحرية.. هي الضمانة، ولا تمثلها الفوضى وإنما من قدر من النظام. إننا نحتاج إلى معالم إرشادية وقيود.. إن الأمن الحقيقي للحرية يرتهن بقوة بعض الأسوار الحامية التي تقيها.. وهذا هو ما أفرز الديمقراطية اللبرالية الحديثة عبر تراكم السنين الذي لا نملك أن ننتظره في بلادنا.
 
أننا يجب أن نستعيد التوازن بين الديمقراطية والحرية، حيث تحتاج المجتمعات الديمقراطية إلى معدات ومعالم إرشادية جديدة مصحوبة للتصدي للمشكلات وظروف العصر الحالي وأمل ذلك يبدأ من ثلاث تصورات أولها هو وبلا تردد هو العدالة والتطبيق الحازم للقانون، بدون انتقائية، وان نفكر في القانون باعتباره القيود الحكيمة التي تجعل المواطنين أحراراً.. ، وثانيها عدم تمتع أي سلطة كانت، مهما كان درجة نزاهة من آتى بها، في الاستمرار في الحكم تحت أي ظروف أكثر من مدة محدده. , وإن يقي الدستور المجتمع من أي نظام حاكم من تعديله لصالح بقاؤه أو التعدي على حقوق المواطنين.
 
إن الديمقراطية والحرية تلازم أساسي في عدم الانتقال إلى الفوضى يحكمه تطبيق العدالة ويجب إحداث ثورة جديدة داخل مؤسسة العدالة لضمان الحق، والقضاء على الفساد داخل إطارها، ليس من منطلق سياسي أو أيديولوجي ولكن من منطلق حيادي لحماية مصر من اللقطة القادمة .
 
ولايمكننى أن أنهى هذا الجزء من مقالتي حول الديمقراطية والحرية إلا بالتأكيد على المحور الثالث وهو التعليم، حيث يظل هو المحور الرئيسي والأساسي لبناء الإنسان القادر على رؤية المستقبل من هذا المنظور. وهو أمر سأناقشه وسأظل أحارب من اجله مهما كانت العوائق والتحديات.