• بيان تأسيسي لتكتل سياسي حزب الاتحاد
  • ثانياً: تطوير التعليم وتبنى مشروع ثقافي جديد،
  • ثالثاً: توسيع إطار المشاركة المجتمعية ورفع سقف الأمل في الإصلاح
  • رابعاً: إجراء تغيير هيكلي في الاقتصاد المصري بهدف تحفيز النمو واستدامته وتوازنه،
  • خامساً: وضع الشباب فى قلب إستراتيجية تنافسية لمصر فى العشرين سنة القادمة
  • سادساً: تحقيق رفاهية الأفراد وسعادتهم
  • سابعاً: إعادة رسم الخريطة السكانية لمصر،
  • ثامناً: إصلاح الجهاز الإداري في الدولة وإحياء الأخلاقيات والقيم التي ترسخ مبادئ الأمانة والنزاهة ومحاربة الفساد ودعم الشفافية
  • تاسعاً: الحفاظ على البيئة وحقوق الأجيال القادمة
  • عاشراً: تحقيق دور فعال لمصر في الساحة الدولي
  • حادي عشر: تجمع المجتمع حول إلهام قومي كبير
  • ثاني عشر: القيادة التي تبنى الأمل في النفوس وتشحذ الهمم والطاقات، وتحقق مع الأمة ما يفوق قدراتها الحسابية المجمعة
  • معايير اختيار اللجنة التأسيسية للدستور
البعثات الخارجية- طريق للتنوير

 البعثات الخارجية- طريق للتنوير

 

بقلم/ ا.د. حسام بدراوي

 
 
إن عضو هيئة التدريس هو محور عملية تطوير التعليم، ويشكل الثروة الحقيقية في مؤسساته، وهو أمل البلاد في التنوير وحرية التفكير وانفتاح عقل المجتمع والتوجه نحو مستقبل أفضل يعتمد على المعرفة وقادر على إبداعها، ومن ثم فإن دعمه وتطوير قدراته لا يعود بالفائدة على العملية التعليمية فحسب بل يمتد أثره على المجتمع ككل.  ويعتبر إعداد عضو هيئة التدريس في جامعات ومعاهد ومراكز بحوث مصر أهم عناصر تطوير التعليم والبحث العلمي.
 
وبتحليل الوضع الراهن وجدنا أنه يوجد أنماط متعددة من البعثات الخارجية والداخلية منها ما يتبع وزارة التعليم العالي من واقع مسئوليتها الدستورية في الإشراف علي كل ما يقدم من خدمات تعليمية فيما بعد مرحلة التعليم الثانوي، ومنها ما يتم ابتعاثه من خلال الأزهر الشريف والمؤسسات والشركات الحكومية والخاصة، بالإضافة إلي ما يحصل عليه الأفراد من منح شخصية أو سداد تكاليف البعثة من المدخرات الخاصة، وعليه فإنه ليس بالضروري أن تكون مثل هذه البعثات مدرجة تحت إشراف وزارة التعليم العالي، الأمر الذي يصعب معه حصر كافة الموارد البشرية المؤهلة لتعظيم استفادة الدولة منها، وبلغ متوسط الإنفاق الكلى على البعثات الخارجية في مصر حوالي 361 مليون جنيه سنويا!!
 
إن حجم الإنفاق على البعثات لا يواكب طموحات الدولة والجامعات في توفير متخصصين على مستوي عالي في التخصصات الحديثة لتنمية النهضة العلمية التي نتطلع إليها لنصبح مصدرين للعلم والتكنولوجيا لا مستهلكين لهما فقط.
 

إن التاريخ الحديث لمصر يؤكد أن النهضة والتنوير في العهود المختلفة، كانت تتوافق بشكل أو بآخر بالانفتاح على العالم، وإرسال المبعوثين للتعليم والحصول على المعرفة والتبادل الثقافي، ولعل أهم ايجابيات نظام البعثات هو التالي:

 

  • بناء أكفأ للموارد البشرية، لرفع كفاءة نظام التعليم فى مصر وإعداد كوادر محلية من شأنها تحسين وتطوير التعليم والبحث العلمي فى الجامعات ومعاهد ومراكز البحوث فى مصر.
  • إعداد أعضاء هيئة تدريس جدد في مجالات نادرة أو نمطية بما يسهم في استكمال الهياكل الأكاديمية بالأقسام العلمية في التخصصات التي يصعب إعداد كوادرها محلياً. 
  • إثراء شخصية المبعوث بالاطلاع علي ومعايشة تقاليد وعادات مختلفة وقد يكسبه صفات جديدة وإضافتها إلي القيم والتقاليد والعادات المصرية يؤدي الي تكوين شخصية متوازنة ومتفتحة علي الآخر، وهذا البعد الثقافي له أهميته الكبرى التي قد لا تقل عن البعد العلمي.
  • زيادة التحالفات الاستراتيجية مع الدول الأجنبية  والاتفاقيات الثنائية بين الجامعات ومراكز الأبحاث الأجنبية لرفع مستوى الأداء المؤسسي لهذه الجهات وربطها بالتطور العالمي.
  • اشتراك أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية في الإشراف علي إعداد الرسائل العلمية وإجراء البحوث وإنشاء علاقات مع أعضاء هيئة التدريس بالجامعة الأجنبية المشاركة في الإشراف مما يمكن تنميتها مستقبلاً في تعاون علمي مثمر علي مدي أطول.
 
إن التحديات التي تواجه البعثات الخارجية في التعليم والممارسات السلبية التي من شأنها أن تقلل من الفائدة المرجوة منها وتحد من تحقيق هدف تنمية وتطوير التعليم والبحث العلمي ورفع كفاءة مؤسساته، هي:
  1. عدم وجود خطة واضحة للبحث العلمي لدى الجامعات المصرية أو ربط هذه الخطط والبرامج بخطة قومية للبحث العلمي في مصر ويتوافر لها الموازنات ويتم التقديم لها، بأسس تنافسية.
  2. المركزية في إدارة نظام البعثات في مصر بالرغم من تأكيد سياسات الحزب على إعطاء الجامعات حرية للحركة أكبر، واستقلالية في تحديد خططها البحثية وبناء كوادرها البشرية، وعقد اتفاقاتها مباشرة مع الجامعات العالمية، والاستفادة القصوى من مواردها البشرية.
  3. صعوبة تأقلم المبعوثين المصريين مع المجتمعات الأجنبية أحيانا، وهو ما يهدد نجاح البعثات، كتحدي رئيسي لهذا التوجه، الذي يهدف بجانب العلم والمعرفة إلى الانفتاح على العالم والتواصل الثقافي والاجتماعي. وقد يكون جهد السفارات المصرية والملحقات الثقافية في الدول الأجنبية على إمداد إدارة البعثات بالمعلومات اللازمة الوافية عن البلد ومؤسساته وقوانينه وعادته وتقاليده وأعراف شعبه هاما قبل السفر، إلا انه لا يغنى عن واقع التحدي الثقافي الذي لا يتم في لحظة السفر ولكن في بناء الشخصية المصرية.
  4. عدم كفاءة بعض أعضاء البعثات إما من الناحية اللغوية أو من الناحية العلمية أو التقنية. لذلك يجب التركيز على تدريب المبعوثين على إتقان اللغات ومهارات الكمبيوتر وطرق وأساليب البحث العلمي المطلوبة.
  5. اختلاف نظام التعليم المصري، وشهاداته عن النظم العالمية المعروفة، والذي لا يتيح للدارس في الجامعات المصرية الاستفادة من تراكم نتائج دراساته ولا يجعلها مرئية ولا قابلة للتحويل من نظام إلى آخر.. وهو الأمر الذي ركزت سياسات الحزب عليه طوال السنوات الست الماضية وطالبت به. 
  6. عدم وجود متابعة جادة بآليات محددة لمتابعة المبعوثين من الأقسام العلمية وقد يتم تغيير موضوع البعثة أثناء دراسة المبعوث بالخارج بدون علم أو بعدم اهتمام من القسم العلمي. 
  7. عدم عودة المبعوث بعد الحصول علي الدرجة العلمية إلى مؤسسته الأصلية، الذي قد يرجع إلي أسباب شخصية أو لعلم المبعوث أنه لن يجد الإمكانيات العلمية والتجهيزات اللازمة لمواصلة بحوثه في مجال تخصصه  أو لانجذابه نحو موارد مالية اكبر في الجامعات العربية أو انجذابه العلمي للجامعات ومؤسسات البحث العالمية نتيجة تفوقه وامتيازه.
  8. غياب التخطيط الجيد للاستفادة القصوي من زيارات المشرفين المتبادلة وإتمامها أحياناً في توقيتات غير مناسبة، مما يؤدي إلي ضعف العائد من التبادل العلمي بين المشرفين.
 
إن تحقيق رؤيتنا نحو خلق مجتمع عصري أساسه المعرفة، تقتضى بناء قاعدة علمية قوية مؤهلة وقادرة على القيام بدورها كقلب نابض للنهضة العلمية المرتقبة في مصر، مما يستوجب مضاعفة أعداد المبعوثين عدة مرات، وكذلك الموازنات المخصصة لذلك. وفي ضوء تحقيق الخطة الطموحة للتنمية، واستنادا إلى معطيات الوضع الراهن فإننا نرى ضرورة العمل على ابتعاث ما لا يقل عن 2000 باحث ودارس إلى جامعات الدول المتقدمة سنويا، ولمدة عشرين عاما متتالية، الأمر الذي من شأنه تكوين تلك القاعدة المرغوبة، فيكون لدينا في نهاية هذه الفترة ما يقرب من 40000 باحث وعضو هيئة تدريس، حاصلين على أعلى وأجود مستويات التعليم والمعرفة والمهارات في العالم، ومسلحين بأحدث المناهج البحثية والعلمية دوليا، وهو ما سيكون له أكبر الأثر في اكتساب المجتمع المصري قيمة مضافة حقيقية، تضطلع بآفاق النهضة العلمية المطلوبة، وتصب مباشرة في روافد التنمية الشاملة في مصر.
 
وفى نفس السياق نرى وجوبية أن تستمر جهود التطوير الأخرى وجهود التوسع في التعليم العالي بالتوازي مع خطة البعثات الخارجية، بحيث يتمكن نظام التعليم العالي المصري من استيعاب ودمج هذه الخبرات العائدة، وتوظيف طاقاتها في مسارها الصحيح، مما يعظم الفائدة من زيادة أعداد المبعوثين ويحقق الجدوى الاقتصادية للموازنات التي ستخصص لتنفيذ هذا التوجه بعائد استثماري حقيقي ملموس أثره في الواقع المعاش.
 
إن علينا أن نحدد، بدقة ووضوح، أهداف هذه النهضة العلمية، وأن نرسم خريطة انتقائية للجامعات والمؤسسات البحثية على مستوى العالم ذات التميز في فروع العلوم المختلفة وفق معايير الجودة الدولية، حتى نستطيع أن نوجه مبعوثينا لأفضل الأماكن الدراسية، التي سيكتسبون من خلالها ما يحقق أهداف رؤيتنا بفاعلية وكفاءة.  وتلخص النقاط التالية السياسات المقترحة لوضع آليات تنفيذ هذه الرؤية:
  1. إجراء بحث شامل يرصد الجامعات والمؤسسات العلمية في مختلف دول العالم، شاملة الميزات التنافسية لكل مؤسسة على حدة في مختلف أوجه العلوم والمعرفة سواء في العلوم التطبيقية أو النظرية، حتى نتمكن من رسم خريطة للجامعات والمؤسسات البحثية على مستوى العالم ذات التميز في فروع العلوم المختلفة وفق معايير الجودة الدولية، ترفع كفاءة اختيارنا لتوجيه المبعوثين بما يتفق مع خططنا التنموية.
  2. توفير التمويل والموازنات أمام خطة البعثات الخارجية القومية. كذلك دعم البنية التحتية لمعامل بحوث المبعوثين بنظام الإشراف المشترك والبعثات الداخلية، وتهيئة المناخ العلمي للمبعوثين العائدين من الخارج.
  3. ارتباط موضوعات البعثات الخارجية بالخطة القومية للبحث العلمي وبالخطة الإستراتيجية للتعليم العالي، وبهياكل الأقسام العلمية وبأولويات الدولة طبقا لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
  4. منح البعثات الخارجية علي أساس تنافسي، وفق أسس ومعايير موضوعية لاختيار المبعوثين تضمن العدالة وكفاءة الاختيار، هذا إلى جانب إضافة التميز الخلقي والتوازن النفسي إلي اختيار المبعوثين إلي بعثات خارجية.
  5. تفعيل نظام متطور مرن وجاد لمتابعة المبعوثين في الداخل والخارج، والالتزام بالجداول الزمنية المحددة للخطط الدراسية والبحثية، كذلك تقديم الدعم الفني والمادي لهم حين الحاجة.
  6. مد الجسور وتقوية الاتصال والتعاون مع علمائنا المقيمين بالخارج.
  7. تطوير نظم الاتصال وقواعد البيانات الخارجية بالبعثات لربط كل البعثات بالجامعات المختلفة وضمان كفاءة أنشطة التنسيق بين الشركاء في تنفيذ خطة البعثات.
  8. الانتقال لنظام الساعات المعتمدة (ECTS) في مؤسسات التعليم العالي، وعملية بولونيا (Bologna Process) التي استفادت منها كل الدول الأوروبية، بهدف أن يكون النظام مرئي وقابل للقياس النوعي، يدعم التراكم المعرفي المتفق عليه، ويسهل نقل وانتقال وتبادل الطلاب، بما فيهم طلاب الدراسات العليا وتيسيير التعاون بين الجامعات المصرية والعالمية فى مجال التعليم بجانب البحث العلمي.

وختاما أود أن أؤكد أن أطر الإصلاح كلها متداخلة، ولا يمكن أن يكون الإصلاح جزئياَ، بل لابد من أن تحوط نظرة الإصلاح جوانبه كلها في وقت واحد، سواء كان ذلك سياسياَ أو اجتماعيا أو اقتصاديا أو ثقافياَ.  إن تماسك الإصلاح واستدامته يرتبط بالتنمية في جميع مجالاتها، وبالرغم من أن صوت الدعوة إلي الإصلاح السياسي هو الأعلي بين الأحزاب والقوي السياسية المختلفة، إلا أن ذلك لا يجب أن يلهينا عن أن البنية الأساسية لعملية الإصلاح تبدأ وتستمر وتتواصل بالتنمية الإنسانية وأن التعليم هو مدخلها الرئيسي.